الشــــــــاب والجــــــــــبل

الشاب والجبل

قرر شاب السفر إلى إحدى المدن سيرا على الأقدام، وبعد أن قطع مسافة طويلة اعترضه جبل صخري ضخم فوقف يتأمله وهو يفكر كيف يتخطى هذا الجبل العملاق ويواصل مسيرته، ونظر حوله فوجد بعض المسافرين يلتفون حول صخرة عظيمة في عمق الجبل ويغيبون عأن نظره فاستغرب الشاب فعلهم وتساءل في نفسه: إلى أين يذهبون؟.
ولكنه لم يحاول أن يسألهم واتخذ قراره بعبور الجبل عن طريق تسلقه، وبدأ بالفعل مشوار الصعود الصعب فالصخور مدببة وحادة والجبل عال والشمس محرقة.. وبعد مجهود شاق استطاع الشاب القوي الوصول لأعلى الجبل منهك القوى، وما أن أطل برأسه على القمة المسطحة حتى أصابته الدهشة وجد عشرات الأشخاص يقيمون المخيمات، ورأى من تحتهم طريقا ممهداً نهايته عند القمة وبدايته كانت خلف الصخرة التى رآها أسفل الجبل،
كما أن هناك طريقاً آخر يمتد من سطح الجبل ثم يهبط إلى طريق مختصر على الجهة الأخرى الموصلة للمدينة التي يقصدها الشاب، وبعد لحظات من تأمل الشاب للموقف تبدلت دهشته إلى حسرة وندم ولوم لذاته، لأنه لم يحاول أن يسأل من سبقوه إلى هذا الطريق فلو كان كلف نفسه عناء السؤال لكان وفر الكثير من الوقت والجهد.

ترى يا أصدقائي هل يذكركم هذا الموقف بما نفعله في كثير من الأحيان عندما لا نحاول أن نتعلم من تجارب الآخرين ونصر على التوغل في متاهة الحياة وشعابها دون دليل يقودنا ويرشدنا، فندفع ثمناً غالياً لذلك من أموالنا وصحتنا، والأهم من ذلك أعمارنا التي تضيع في تجارب فاشلة كان بإمكاننا تجنبها لو أننا اخترنا أقصر طريق للنجاح، ألا وهو الاطلاع على تجارب الآخرين والتعلم منها والاستفادة من نصائحهم، وأعتقد أنه ليس هناك أكثر سعادة من الإنسان الناجح الذي يتعلم من تجارب الآخرين وسيرهم الذاتية وعباراتهم المأثورة وخطواتهم العملية التي تركوها لنا، أما الشخص الفاشل فهو الذي يرفض التعلم ممن سبقوه ويصر على خوض التجارب بنفس الطرق التي ثبت فشلها من قبل، وهذا ما كان يقصده ))هادي المدرِّسي((
.» ليس صحيحا أن علينا أن نبدأ من الصفر لننجح.. بل لابد أن نبدأ مما انتهى إليه الآخرين وليس مما بدءوا به « :

إن السعيد من وعظ بغيره، والشقي من انتظر ليوعظ بنفسه. حكمة عربية

.