السعادة والألم

السعادة والألم

في بلدة بعيدة، كان هناك مشفى صغير غارق بين الغابات يستقبل مرضى في آخر حياتهم. في إحدى غرف هذا المشفى كان هناك مريضان يتشاركان الغرفة نفسها.

الأول كان مجبراً على البقاء مستلقياً على ظهره طوال النهار. أما الآخر فكان يتوجب عليه الخضوع لعملية تنقية رئة كل يوم لمدة ساعة بعد الظهر.

كلا المريضين كانا يقضيان نهاراً طويلاً وليلاً أطول في هذه الغرفة. ولما كانت إقامتهما طويلة اعتاد كلا الرجلين على التحدث لبعضهما عن حياتهما الماضية. الأطفال، الزوجات، العمل، الأقارب، الحوادث

الطريفة. ولكن كل هذه الأحاديث انتهت وإقامتهما لم تنتهي.

في أحد الأيام بدأ الرجل المستلقي على ظهره يطلب من الرجل الآخر أن يصف له ما يجري في الخارج. فلقد كان سرير الرجل الآخر محاذياً لنافذة. وهكذا بدأ الرجلان يستمتعان كل يوم بما يصفه الرجل

الآخر عن الأطفال الذين يلعبون في الحديقة المجاورة، عن العشاق الذين يتبادلون القبلات خلسة تحت الأشجار، عن الفرح، عن السعادة التي كانت تبثها الطبيعة في الخارج.

ولكن ذات صباح استيقظ الرجل المستلقي على ظهره ووجد صديقه مستلقياً دون حراك بجانب النافذة. هرع وصاح بأعلى صوته للمرضة وجاء الجميع. لقد مات صديقه في الليل على الأغلب.

تم نقل الميت من الغرفة والأسى يعتصر قلب صديقه. لكنه طلب من الممرضة أن تضعه في ذلك السرير جانب النافذة ليرى ما كان يصفه له صديقه.

الممرضة قبلت ونقلته إلى حيث يريد. لكن الرجل بعد أن استقر في السرير. نهض بصعوبة وألقى نظرة من النافذة واستقر نظره على جدار كبير يسد كل منظر أمامه.

يائساً عاد إلى الخلف واستلقى على ظهره واليأس يعلو وجهه. ثم قال للمرضة لماذا كذب علي صديقي وأخبرني عن أشياء غير موجودة.

قالت له الممرضة. لم يكذب عليك لأنه كان أعمى ولم يكن يعرف بوجود الجدار

تنهد الرجل بحزن وقال ولكن لماذا فعل ذلك؟

قالت الممرضة: ربما لأنه يريد تشجعيك.

عندما نتشارك بالألم نتقاسمه ولكن عندما نتشارك بالسعادة فإنها تتضاعف. سعادتك كانت تشعره بسعادة ما كان ليحصل عليها وحده دون مشاركتك بها....

.