قصة توبة فتاة لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصة توبة فتاة لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
قصة توبة فتاة لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام :
يقول الله جل جلاله :
((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ))[ سورة يوسف : الآية 111]
نستنبط من هذه الآية أن القصة أحد الأساليب التربوية الفعالة المؤثرة في نفس القارئ ، قبل أيام اطلعت على قصة في موقع معلوماتي و لأن هذه القصة تمثل نموذجاً متكرراً ، و لأنها تمثل رحمة الله بخلقه ، و لأنها تمثل تأديبه لهم فأردت أن أجعلها محور هذا الدرس ، و الحقيقة أن القصة هي حقيقة مع البرهان عليها ، يستنبط منها حقائق لكن حقائق مبرهن عليها.
تقول صاحبة هذه القصة : أنا إنسانة لأبوين متدينين و لله الحمد ، أي الإنسان حينما ينشأ في أسرة ملتزمة هذه نعمة كبرى لا يعرفها إلا من فقدها ، أحياناً الإنسان يُحارب في بيته ، الشاب المؤمن الملتزم يحارب في بيته ،
أيها الإخوة :
أنا حينما أقرأ لكم هذه القصة ليس كل شيء ورد فيها أنا أقره ، أنا أعلق أهمية على المغزى ، تقول : و لكنني كنت كبنات جيلي ، فقد ارتكبت الكثير الكثير من الذنوب والمعاصي، ثم تقول : أنا عمري الآن سنة واحدة كيف ؟ هناك أشخاص يعدون أعمارهم بعد التوبة ، بعد أن تابوا إلى الله يعد العمر عمراً ، أما قبل التوبة إلى الله لا يعد هذا العمر عمراً ، فقد ارتكبت الكثير الكثير من الذنوب و المعاصي و كنت الابنة الصغرى في الأسرة و لذلك كتب لي من الدلال ما سهّل لي أن أرتكب الكثير من الذنوب ، يوجد تعليق ؟ كيف تقول إنني إنسانة لأبوين متدينين و لله الحمد و أتيح لها أن ترتكب الكثير الكثير من الذنوب هنا يوجد خلل، الأب المتدين و الأم المتدينة حريصان حرصاً لا حدود له على سلوك أولادهم فلذلك لابد من المراقبة و قد تحدثت عن هذا طويلاً في درس تربية الأولاد في الإسلام عندما وصلت إلى أسلوب الملاحظة .
الأب و الأم ينبغي أن يلاحظا أي انحراف في سلوك أولادهم و ينبغي أن يعالجا هذا الانحراف، لكنها تقول : ارتكبت الكثير من الذنوب و لله الحمد ليس منها الكبائر ، لم ترتكب الكبائر و الله عز وجل يقول :
((إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ))[ سورة النساء : الآية 31]
و لا حتى مصاحبة الشباب على الرغم من أن هذا عرض لي و كنت قادرة عليه لكن شيئاً في نفسي كان ينفرني منه و لا أنكر هنا أنني كنت أبحث عن قصة حب حقيقية تنتهي بالزواج كما صورت لنا الأفلام التي خدعتنا بقضية الحب و جعلتها شغلنا الشاغل ، إذاً من أين تستقي ثقافتك؟ من كتاب الله ؟ من سنة رسول الله ؟ من سير الصحابة الأعلام ؟ و أنت أيتها الفتاة من كتاب الله ؟ من سنة رسول الله ؟ من سير الصحابيات الأعلام ؟ أم من الأفلام ؟ صدقوني أيها الإخوة صدقوني أنك إذا وازنت بين أن تستقي ثقافتك من قصص الصحابة الكرام أو من الأفلام الفرق بينهما كالفرق بين ماء طاهر عذب زلال و بين ماء آسن نجس ، و لهذا قال الله عز وجل :
((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ))[ سورة التوبة : الآية 28]
لم يقل نجسون لأن الشيء النجس يطهر أما هم عين النجاسة ، هل يطهر النجس ؟ الشيء النجس يطهر أما النجس لا يطهر ، لذلك أكبر مصيبة تصيب المسلمون اليوم أنهم يقتبسون قيمهم ، تصوراتهم ، مبادئهم لا من الكتاب و السنة و سير الصحابة الكرام و من العلماء العاملين ، لا، يستقون مبادئهم و قيمهم و تصوراتهم من الأفلام .
ثم تقول : المهم أنني دخلت الجامعة و تخرجت منها فتاة قد وهبني الله قدراً من الجمال و الملاح ما جعلني مرغوبة من الخطاب ، و لكن أحداً منهم لم يعجبني أو لنقل لم يكتب الله لي أن أتزوج أحداً منهم ، و خلال هذه الفترة كانت فكرة الحجاب تراودني فقد كنت أشعر بالذنب و الخوف أن أموت من دون حجاب ، هذه ما نسميها ؟ هذه الفطرة ، كل إنسان مبرمج وفق منهج الله فإذا خالفه يتألم ، أذكر أن أحد الإخوة الكرام حدثني أنه رأى ندوة في محطة ، الندوة مقابلة مع سفاح البنات ، شاب مجرم كان يغتصب الفتيات و يقتلهن و قد حكم بالإعدام ، باحثة اجتماعية ملتزمة أرادت أن تلتقي معه لأسباب معرفية فطلبت الإذن و قابلته ، يقول هذا الأخ إنها سألته هل تعلم أنك محكوم بالإعدام ؟ قال : نعم ، قالت : هل تصلي ؟ قال : لا ، قالت : هل تقرأ القرآن ؟ قال : لا، قالت : هل تشاهدت في حياتك ؟ قال : ما هي الشهادة ؟ قالت له : لا إله إلا الله ، كلها دفعة واحدة اقرئيها عليّ كلمة كلمة ، فتقول هذه الباحثة أنه حتى أتقن لفظ الشهادة مضى وقت طويل ، كلمة كلمة ، لا إلى أن أتقنها ، إله ، إلا ، الله ، في أي مستوى هذا ؟ طبعاً ليس متعلماً إطلاقاً ، لا يصلي ، لا يقرأ القرآن ، لا يعرف ما الشهادة ، سألته : كيف فعلت هذه الجرائم ؟ قال : هنا السبب ، لأن ثياب الفتيات دعوة إلى اغتصابهن هكذا بالفطرة ، سألته سؤالاً آخراً قالت له : لو أنك رأيت فتاة محجبة ، الآن دققوا فيما قال ، قال : و الله لو أن أحداً تحرش بها لقتلته هذا الجاهل المجرم قال : لو أن أحداً تحرش بفتاة محجبة لقتلته ، فحينما يقول الله عز وجل :
((ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ))[ سورة الأحزاب : الآية 59]
لا يمكن لإنسان مهما كان مجرماً أن يتحرش بفتاة محجبة لأنها دخلت حصن الله عز وجل، هي في حصن حصين ، حجابها حصن ، حجابها إعلان أنني فتاة شريفة ، حجابها إعلان أنني فتاة مسلمة ، حجابها إعلان أنني فتاة محصنة ، بينما الفتاة السافرة المتفلتة التي تبرز مفاتنها ، مفاتنها دعوة إلى التحرش بها ، الأمر جعلني أضع مصطلحاً جديداً أرجو أن تقبلوه مني تحرش النساء بالرجال عن طريق ثيابهن و تحرش الرجال بالنساء عن طريق الكلام و اللمس، أما من البادئة ؟ المرأة لذلك جاء في القرآن الكريم :
((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي))[ سورة النور : الآية 2]
لماذا بدأ الله بالمرأة ؟ لأنها هي السبب ، ثم يقول :
((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ))[ سورة المائدة : الآية 38]
لماذا بدأ بالرجل ؟ لأن الرجل أقدر على السرقة من المرأة و لأن المرأة سبب الزنا فجاءت قبل الزاني ، تقول : دخلت الجامعة و تخرجت منها فتاة قد وهبني الله قدراً من الجمال و الملاح ما جعلني مرغوبة من الخطاب ، و لكن أحداً منهم لم يعجبني أو لنقل لم يكتب الله لي أن أتزوج أحداً منهم ، و خلال هذه الفترة كانت فكرة الحجاب تراودني فقد كنت أشعر بالذنب و الخوف أن أموت من دون حجاب ، و كان أبي رحمه الله دائم الدعاء لنا بالحجاب و كثيراً ما كان يكلمنا عنه و كانت أمي كذلك أيضاً ، و بعد تخرجي بسنة تقريباً كتب الله لنا الحج و قبل الذهاب قررت أن أتحجب بعد الحج و قد ورد في الأثر أنه هلك المسوفون ، ضعاف الإيمان يسوفون يقول لك : بعد الامتحان ، ثم يقول: بعد التخرج ، ثم يقول : بعد العمل ، ثم يقول : بعد الزواج ، ثم يقول : بعد الحج ، هلك المسوفون ، لمَ لا تقول الآن أتوب ؟ إذاً : و قبل الذهاب قررت أن أتحجب بعد الحج ، و ما زلت أذكر عندما قررت الحجاب و تلك اللحظات التي عاهدت الله فيها أن أتحجب و الدموع تتساقط من عيني و الراحة التي أحسست بها عندما عاهدت ربي في تلك اللحظات لا توصف ، الراحة التي شعرت بها حينما عاهدت ربها أن تتحجب لا توصف .
و يا أيها الإخوة الكرام :
و الله حينما تعاهد ربك على طاعته ، أو حينما تصطلح معه ، أو حينما تعقد النية على طاعته يلقي الله في قلبك من السرور و من الفرح و من السعادة ما لا يوصف ، و يزيح عنك من الهموم و الضغوط و الكوابيس ما لا يوصف ، لذلك كنت أقول دائماً في قلب المؤمن من السعادة ما لو وزعت على أهل بلد لكفتهم ، لكن ذهبت إلى الحج و عدت و أنا مصممة على أن أتحجب لكن عندما عادت إلى بلدها و لا أعلم أين بلدها قالت : وجدت خبر قبولي في العمل في إحدى المراكز التي كنت أسعى إليها قد تم ، وافقوا على قبولها موظفة في مركز ، أنا اخترت هذه القصة لأنها تمثل شريحة واسعة جداً في مجتمعنا ، أي فتاة ثقافتها من الأفلام ، طموحها أن تتعرف إلى شاب ، هذا المستوى الراقي جداً أن ينتهي هذا التعرف بالزواج منه ، في رغبتها أن تكون في عمل و دققوا العمل ليس ضرورة لكن رغبة في أن تكون مع الناس وأن يتعرف الناس إلى ملكاتها و إلى جمالها ، و راودتني نفسي كيف أتحجب ؟ ماذا ألبس ؟ كيف أواجه المجتمع الجديد بشكلي الجديد الذي لم أتعود عليه ؟ كيف يقبل الناس مني أن أكون محجبة ؟ كيف يقبل الأهل و الصديقات ؟ ثم كان هناك خوف إذا تحجبت أن أبدو غير جميلة ، الحقيقة هذه بوح حقيقي ليس كل شيء يقال ، هناك أشياء لا تقال إطلاقاً لكن هي تقول الآن : كانت تخشى إذا تحجبت أن تبدو غر جميلة ؟ أو أن أظهر بمظهر بشع أو متأخر ، أو أن يكون في حجابي ما ينفر الخطاب مني ، يوجد فكرة و العياذ بالله شيطانية من صنع الشيطان وزبانية الشيطان و أعوان الشيطان أن الفتاة لا تخطب إلا إذا أبرزت مفاتنها فإذا تحجبت انصرف عنها الخطاب .
تقول هي عن نفسها : أسئلة سخيفة و خواطر سطحية في واقعها لكنها كانت قوية لضعف شخصيتي و لأني كنت أخاف من الناس أكثر من خوفي من الله ، كانت هذه الخواطر بمثابة الجبال وقعت على صدري ثم تقول و نقضت عهدي مع الله ، أنا لا أنسى قصة سمعتها من إنسان هذه من باب الشيء بالشيء يذكر قال لي : أنا لي أب من كبار تجار الأغنام و كان يشتري الغنم و السمن و يبيعه في الشام ، فلما كبرت سن والدي حللت محله ، قال لي : ذهبت إلى البادية و معي سيارة و معي ميزان لأشتري الصوف و السمن ، وقف عند أحد الموردين لوالده فبدأ يزين الصوف والده يزين بالكيلوات ـ بالكيلو ـ قال لي : أنا أعطيه لهذا البدوي أرقام بالغرامات ، ثلاثة و عشرين كيلواً وثمانمائة غرام ، فهذا البدوي طرب لهذا الوزن الدقيق ما كان يسمع بالغرامات سابقاً لكن يحذف عشرة كيلو هذا ، يكون وزنها ثلاثين كيلواً و ثمانمائة غرام يقول له إحدى و عشرين و ثمانمائة غرام ، بعد أن وزن الكمية الكبرى فهذا البدوي بإحساس عام هو متوقع مثلاً عشرين ألفاً فكانوا اثنتي عشرة ألفاً فقال له باللغة البدوية: إن كنت تضحك عليّ أو تلعب عليّ إن شاء الله تلقاها بصحتك ، هكذا قال له البدوي ، قال لي: بعد أن قال الكلام إن كنت تلعب عليّ إن شاء الله تلقاها بصحتك ، قال لي : خفت و دخلت بصراع مع نفسي قال لي : من مكان شراء الصوف إلى الضمير و أنا بصراع مع نفسي أرجع أعطيه الفرق ، ساكت هل أبقى ساكتاً ، أسأل بالشام علماء ؟ أحاسبه مرة ثانية ؟ قال لي: دخلت بصراع عنيف ، قال لي : عندما كان بالضمير قلت هذه الكلمة قلت بالتعبير العامي: ضع بالخرج ما الذي حصل ؟ أي أخذ موقفاً ، أي حسم الموضوع و الله عز وجل قال:
((أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ))[ سورة الزخرف : الآية 79]
هكذا أخذ قراراً قال لي : لم أكمل هذا الخاطر حتى وجدت نفسي في بركة من الدماء ، والسيارة تعثرت و أنا ببركة من الدماء و الصوف مبعثر و السمن مفتوح و مصيبة ، جاء من أسعفني إلى المستشفى و عرفت أن هذه رسالة من الله ، هذا الحادث رسالة من الله ، و سأل أحد شيوخه و عاد إلى هذا الأعرابي و دفع له الفرق و لم يأخذه و سامحه به فهذه قال : ثم نقضت عهدي مع الله ، عمــل و بين الرجال و جميلة و ثياب فخمة جداً قالت : و استسلمت للعمل و قبل استسلامي للعمل تجهزت تجهيزاً كاملاً و اشتريت كماً هائلاً من الملابس الفاخرة، يبدو أنها من أسرة غنية و ليست بحاجة إلى العمل لكن بحاجة إلى الظهور ، و هي صريحة مع نفسها ، و قد تستغربون لو قلت لكم : إنني سافرت لمدة أسبوع إلى الخارج لأشتري تلك الملابس كي تبدو في أجمل مظهر، و الله العظيم بعضاً من تلك الملابس لم ألبسها و لو مرة واحدة و قد تصدقت بها مؤخراً ، و لا تزال عليها أكياسها الحافظة و ذلك لتعرفوا أن الله عز وجل لم يكن راضياً عنها ، و قد أزيلت منها البركة و استلمت العمل الجديد و كنت بلا مبالغة محط أنظار الجميع ، المرأة حينما تنقطع عن الله تحب أن تكون محط أنظار الجميع ، و كنت سعيدة و أنا أرى هذا الاهتمام بي ، و لم يكن بي ندم أو خوف لنقض العهد ، و مرّ حوالي أربعة أشهر على توظيفي :
((أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ))[ سورة الزخرف : الآية 79]
اتخذت قراراً ألا تتحجب و نقضت عهدها مع الله و أرادت أن تكون في أبهى زينة أمام الأجانب لتلفت نظرهم و تستمتع باهتمامهم بها و إعجابهم لها وتسمع منهم كلمات معسولة دائماً، قال : في أحد الأيام أحسست بألم في وجهي و احمرار شديد فإذا بوجهي فيه بعض البثور بدأت تظهر فجأة فقمت بغسل وجهي ببعض الأدوية و المطهرات و كلي أمل أن هذه البثور سوف تزول بعد يوم أو يومين و لكنها بقيت بل زادت و أصبحت وسادتي و الله مليئة بالدم و القيح ، شيء غريب لم يحدث لي في كل حياتي ، فقد كانت في السابق تظهر لي حبة أو اثنتان ثم تزولان بعد فترة دون ترك أثر ، لكن ما حصل لي فجأة بين ليلة و ضحاها و دون سابق إنذار هي بثور مركبة الواحدة فوق الأخرى ، و قيح و دماء و صديد شوه وجهي و لم يسلم مكان في وجهي من تلك البثور ، أسرعت إلى الطبيب و كتب لي الدواء و غسولاً فلم ينفع الدواء ، رجعت له مرة أخرى فكتب لي حبوباً فلم تنفعني ، ذهبت إلى طبيب آخر فكتب لي أقصى دواء يمكن أن يكتب لعلاج حب الشباب و ذلك بعد أن عمل كل الفحوصات اللازمة و لم يجد أي سبب عضوي يؤدي إلى تلك الحالة البشعة التي شوهت وجهي و كتب لي دواء يعمل على تنشيف الدهن تماماً من الجسد و حتى أنه يمنع من استعماله من كانت حاملاً و يمنع من استعماله من كانت تلبس عدسات لاصقة لأنه كما ذكرت ينشف الجسم تماماً و مع ذلك لم تشفَ ، حكمة إلهية أي إذا الله عز وجل أراد أن يداوي إنساناً دواؤه فعال لا طبيب و لا دواء ولا حبوب و لا غسول بل إنني ذهبت إلى طبيب في الخارج في لندن ففحصني و بعد الفحص قال لي : سوف أكتب لك علاجاً لا أرى أقوى منه قادر على عمل شيء لحالتك فلما نظرت إلى ما كتب فإذا هو نفس الدواء الذي لم ينفع في السابق ، فلما أخبرته قال لي : أنا آسف إن هذا الدواء هو أقوى دواء يمكن أن يكتب لمريض و ما بعد ذلك فليس بيدي و لا أستطيع أن أعمل لك شيئاً .
كانت حالتي النفسية صعبة جداً ، محطمة تماماً ، و كنت أبكي في الليل وحدي ، و لم أكن أظهر لأحد ضيقي حتى لا يشفقوا عليّ و لكني كنت أرى نظرات الأسى في عين أمي و أبي وأخواتي و قد كرهت حتى أن أنظر إلى نفسي في المرآة و كان الجميع يتقدم بالنصح لي في طريقة العلاج ، و كان هذا سبباً في زيادة تعاستي و شقائي و كان ما بوجهي من دمامل وبثور يجعل بعض النساء ينفرن من تقبيلي عند السلام خوفاً على بشرتهن و كان ذلك بمثابة السكاكين في قلبي .
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام :
يقول الله جل جلاله :
((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ))[ سورة يوسف : الآية 111]
نستنبط من هذه الآية أن القصة أحد الأساليب التربوية الفعالة المؤثرة في نفس القارئ ، قبل أيام اطلعت على قصة في موقع معلوماتي و لأن هذه القصة تمثل نموذجاً متكرراً ، و لأنها تمثل رحمة الله بخلقه ، و لأنها تمثل تأديبه لهم فأردت أن أجعلها محور هذا الدرس ، و الحقيقة أن القصة هي حقيقة مع البرهان عليها ، يستنبط منها حقائق لكن حقائق مبرهن عليها.
تقول صاحبة هذه القصة : أنا إنسانة لأبوين متدينين و لله الحمد ، أي الإنسان حينما ينشأ في أسرة ملتزمة هذه نعمة كبرى لا يعرفها إلا من فقدها ، أحياناً الإنسان يُحارب في بيته ، الشاب المؤمن الملتزم يحارب في بيته ،
أيها الإخوة :
أنا حينما أقرأ لكم هذه القصة ليس كل شيء ورد فيها أنا أقره ، أنا أعلق أهمية على المغزى ، تقول : و لكنني كنت كبنات جيلي ، فقد ارتكبت الكثير الكثير من الذنوب والمعاصي، ثم تقول : أنا عمري الآن سنة واحدة كيف ؟ هناك أشخاص يعدون أعمارهم بعد التوبة ، بعد أن تابوا إلى الله يعد العمر عمراً ، أما قبل التوبة إلى الله لا يعد هذا العمر عمراً ، فقد ارتكبت الكثير الكثير من الذنوب و المعاصي و كنت الابنة الصغرى في الأسرة و لذلك كتب لي من الدلال ما سهّل لي أن أرتكب الكثير من الذنوب ، يوجد تعليق ؟ كيف تقول إنني إنسانة لأبوين متدينين و لله الحمد و أتيح لها أن ترتكب الكثير الكثير من الذنوب هنا يوجد خلل، الأب المتدين و الأم المتدينة حريصان حرصاً لا حدود له على سلوك أولادهم فلذلك لابد من المراقبة و قد تحدثت عن هذا طويلاً في درس تربية الأولاد في الإسلام عندما وصلت إلى أسلوب الملاحظة .
الأب و الأم ينبغي أن يلاحظا أي انحراف في سلوك أولادهم و ينبغي أن يعالجا هذا الانحراف، لكنها تقول : ارتكبت الكثير من الذنوب و لله الحمد ليس منها الكبائر ، لم ترتكب الكبائر و الله عز وجل يقول :
((إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ))[ سورة النساء : الآية 31]
و لا حتى مصاحبة الشباب على الرغم من أن هذا عرض لي و كنت قادرة عليه لكن شيئاً في نفسي كان ينفرني منه و لا أنكر هنا أنني كنت أبحث عن قصة حب حقيقية تنتهي بالزواج كما صورت لنا الأفلام التي خدعتنا بقضية الحب و جعلتها شغلنا الشاغل ، إذاً من أين تستقي ثقافتك؟ من كتاب الله ؟ من سنة رسول الله ؟ من سير الصحابة الأعلام ؟ و أنت أيتها الفتاة من كتاب الله ؟ من سنة رسول الله ؟ من سير الصحابيات الأعلام ؟ أم من الأفلام ؟ صدقوني أيها الإخوة صدقوني أنك إذا وازنت بين أن تستقي ثقافتك من قصص الصحابة الكرام أو من الأفلام الفرق بينهما كالفرق بين ماء طاهر عذب زلال و بين ماء آسن نجس ، و لهذا قال الله عز وجل :
((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ))[ سورة التوبة : الآية 28]
لم يقل نجسون لأن الشيء النجس يطهر أما هم عين النجاسة ، هل يطهر النجس ؟ الشيء النجس يطهر أما النجس لا يطهر ، لذلك أكبر مصيبة تصيب المسلمون اليوم أنهم يقتبسون قيمهم ، تصوراتهم ، مبادئهم لا من الكتاب و السنة و سير الصحابة الكرام و من العلماء العاملين ، لا، يستقون مبادئهم و قيمهم و تصوراتهم من الأفلام .
ثم تقول : المهم أنني دخلت الجامعة و تخرجت منها فتاة قد وهبني الله قدراً من الجمال و الملاح ما جعلني مرغوبة من الخطاب ، و لكن أحداً منهم لم يعجبني أو لنقل لم يكتب الله لي أن أتزوج أحداً منهم ، و خلال هذه الفترة كانت فكرة الحجاب تراودني فقد كنت أشعر بالذنب و الخوف أن أموت من دون حجاب ، هذه ما نسميها ؟ هذه الفطرة ، كل إنسان مبرمج وفق منهج الله فإذا خالفه يتألم ، أذكر أن أحد الإخوة الكرام حدثني أنه رأى ندوة في محطة ، الندوة مقابلة مع سفاح البنات ، شاب مجرم كان يغتصب الفتيات و يقتلهن و قد حكم بالإعدام ، باحثة اجتماعية ملتزمة أرادت أن تلتقي معه لأسباب معرفية فطلبت الإذن و قابلته ، يقول هذا الأخ إنها سألته هل تعلم أنك محكوم بالإعدام ؟ قال : نعم ، قالت : هل تصلي ؟ قال : لا ، قالت : هل تقرأ القرآن ؟ قال : لا، قالت : هل تشاهدت في حياتك ؟ قال : ما هي الشهادة ؟ قالت له : لا إله إلا الله ، كلها دفعة واحدة اقرئيها عليّ كلمة كلمة ، فتقول هذه الباحثة أنه حتى أتقن لفظ الشهادة مضى وقت طويل ، كلمة كلمة ، لا إلى أن أتقنها ، إله ، إلا ، الله ، في أي مستوى هذا ؟ طبعاً ليس متعلماً إطلاقاً ، لا يصلي ، لا يقرأ القرآن ، لا يعرف ما الشهادة ، سألته : كيف فعلت هذه الجرائم ؟ قال : هنا السبب ، لأن ثياب الفتيات دعوة إلى اغتصابهن هكذا بالفطرة ، سألته سؤالاً آخراً قالت له : لو أنك رأيت فتاة محجبة ، الآن دققوا فيما قال ، قال : و الله لو أن أحداً تحرش بها لقتلته هذا الجاهل المجرم قال : لو أن أحداً تحرش بفتاة محجبة لقتلته ، فحينما يقول الله عز وجل :
((ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ))[ سورة الأحزاب : الآية 59]
لا يمكن لإنسان مهما كان مجرماً أن يتحرش بفتاة محجبة لأنها دخلت حصن الله عز وجل، هي في حصن حصين ، حجابها حصن ، حجابها إعلان أنني فتاة شريفة ، حجابها إعلان أنني فتاة مسلمة ، حجابها إعلان أنني فتاة محصنة ، بينما الفتاة السافرة المتفلتة التي تبرز مفاتنها ، مفاتنها دعوة إلى التحرش بها ، الأمر جعلني أضع مصطلحاً جديداً أرجو أن تقبلوه مني تحرش النساء بالرجال عن طريق ثيابهن و تحرش الرجال بالنساء عن طريق الكلام و اللمس، أما من البادئة ؟ المرأة لذلك جاء في القرآن الكريم :
((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي))[ سورة النور : الآية 2]
لماذا بدأ الله بالمرأة ؟ لأنها هي السبب ، ثم يقول :
((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ))[ سورة المائدة : الآية 38]
لماذا بدأ بالرجل ؟ لأن الرجل أقدر على السرقة من المرأة و لأن المرأة سبب الزنا فجاءت قبل الزاني ، تقول : دخلت الجامعة و تخرجت منها فتاة قد وهبني الله قدراً من الجمال و الملاح ما جعلني مرغوبة من الخطاب ، و لكن أحداً منهم لم يعجبني أو لنقل لم يكتب الله لي أن أتزوج أحداً منهم ، و خلال هذه الفترة كانت فكرة الحجاب تراودني فقد كنت أشعر بالذنب و الخوف أن أموت من دون حجاب ، و كان أبي رحمه الله دائم الدعاء لنا بالحجاب و كثيراً ما كان يكلمنا عنه و كانت أمي كذلك أيضاً ، و بعد تخرجي بسنة تقريباً كتب الله لنا الحج و قبل الذهاب قررت أن أتحجب بعد الحج و قد ورد في الأثر أنه هلك المسوفون ، ضعاف الإيمان يسوفون يقول لك : بعد الامتحان ، ثم يقول: بعد التخرج ، ثم يقول : بعد العمل ، ثم يقول : بعد الزواج ، ثم يقول : بعد الحج ، هلك المسوفون ، لمَ لا تقول الآن أتوب ؟ إذاً : و قبل الذهاب قررت أن أتحجب بعد الحج ، و ما زلت أذكر عندما قررت الحجاب و تلك اللحظات التي عاهدت الله فيها أن أتحجب و الدموع تتساقط من عيني و الراحة التي أحسست بها عندما عاهدت ربي في تلك اللحظات لا توصف ، الراحة التي شعرت بها حينما عاهدت ربها أن تتحجب لا توصف .
و يا أيها الإخوة الكرام :
و الله حينما تعاهد ربك على طاعته ، أو حينما تصطلح معه ، أو حينما تعقد النية على طاعته يلقي الله في قلبك من السرور و من الفرح و من السعادة ما لا يوصف ، و يزيح عنك من الهموم و الضغوط و الكوابيس ما لا يوصف ، لذلك كنت أقول دائماً في قلب المؤمن من السعادة ما لو وزعت على أهل بلد لكفتهم ، لكن ذهبت إلى الحج و عدت و أنا مصممة على أن أتحجب لكن عندما عادت إلى بلدها و لا أعلم أين بلدها قالت : وجدت خبر قبولي في العمل في إحدى المراكز التي كنت أسعى إليها قد تم ، وافقوا على قبولها موظفة في مركز ، أنا اخترت هذه القصة لأنها تمثل شريحة واسعة جداً في مجتمعنا ، أي فتاة ثقافتها من الأفلام ، طموحها أن تتعرف إلى شاب ، هذا المستوى الراقي جداً أن ينتهي هذا التعرف بالزواج منه ، في رغبتها أن تكون في عمل و دققوا العمل ليس ضرورة لكن رغبة في أن تكون مع الناس وأن يتعرف الناس إلى ملكاتها و إلى جمالها ، و راودتني نفسي كيف أتحجب ؟ ماذا ألبس ؟ كيف أواجه المجتمع الجديد بشكلي الجديد الذي لم أتعود عليه ؟ كيف يقبل الناس مني أن أكون محجبة ؟ كيف يقبل الأهل و الصديقات ؟ ثم كان هناك خوف إذا تحجبت أن أبدو غير جميلة ، الحقيقة هذه بوح حقيقي ليس كل شيء يقال ، هناك أشياء لا تقال إطلاقاً لكن هي تقول الآن : كانت تخشى إذا تحجبت أن تبدو غر جميلة ؟ أو أن أظهر بمظهر بشع أو متأخر ، أو أن يكون في حجابي ما ينفر الخطاب مني ، يوجد فكرة و العياذ بالله شيطانية من صنع الشيطان وزبانية الشيطان و أعوان الشيطان أن الفتاة لا تخطب إلا إذا أبرزت مفاتنها فإذا تحجبت انصرف عنها الخطاب .
تقول هي عن نفسها : أسئلة سخيفة و خواطر سطحية في واقعها لكنها كانت قوية لضعف شخصيتي و لأني كنت أخاف من الناس أكثر من خوفي من الله ، كانت هذه الخواطر بمثابة الجبال وقعت على صدري ثم تقول و نقضت عهدي مع الله ، أنا لا أنسى قصة سمعتها من إنسان هذه من باب الشيء بالشيء يذكر قال لي : أنا لي أب من كبار تجار الأغنام و كان يشتري الغنم و السمن و يبيعه في الشام ، فلما كبرت سن والدي حللت محله ، قال لي : ذهبت إلى البادية و معي سيارة و معي ميزان لأشتري الصوف و السمن ، وقف عند أحد الموردين لوالده فبدأ يزين الصوف والده يزين بالكيلوات ـ بالكيلو ـ قال لي : أنا أعطيه لهذا البدوي أرقام بالغرامات ، ثلاثة و عشرين كيلواً وثمانمائة غرام ، فهذا البدوي طرب لهذا الوزن الدقيق ما كان يسمع بالغرامات سابقاً لكن يحذف عشرة كيلو هذا ، يكون وزنها ثلاثين كيلواً و ثمانمائة غرام يقول له إحدى و عشرين و ثمانمائة غرام ، بعد أن وزن الكمية الكبرى فهذا البدوي بإحساس عام هو متوقع مثلاً عشرين ألفاً فكانوا اثنتي عشرة ألفاً فقال له باللغة البدوية: إن كنت تضحك عليّ أو تلعب عليّ إن شاء الله تلقاها بصحتك ، هكذا قال له البدوي ، قال لي: بعد أن قال الكلام إن كنت تلعب عليّ إن شاء الله تلقاها بصحتك ، قال لي : خفت و دخلت بصراع مع نفسي قال لي : من مكان شراء الصوف إلى الضمير و أنا بصراع مع نفسي أرجع أعطيه الفرق ، ساكت هل أبقى ساكتاً ، أسأل بالشام علماء ؟ أحاسبه مرة ثانية ؟ قال لي: دخلت بصراع عنيف ، قال لي : عندما كان بالضمير قلت هذه الكلمة قلت بالتعبير العامي: ضع بالخرج ما الذي حصل ؟ أي أخذ موقفاً ، أي حسم الموضوع و الله عز وجل قال:
((أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ))[ سورة الزخرف : الآية 79]
هكذا أخذ قراراً قال لي : لم أكمل هذا الخاطر حتى وجدت نفسي في بركة من الدماء ، والسيارة تعثرت و أنا ببركة من الدماء و الصوف مبعثر و السمن مفتوح و مصيبة ، جاء من أسعفني إلى المستشفى و عرفت أن هذه رسالة من الله ، هذا الحادث رسالة من الله ، و سأل أحد شيوخه و عاد إلى هذا الأعرابي و دفع له الفرق و لم يأخذه و سامحه به فهذه قال : ثم نقضت عهدي مع الله ، عمــل و بين الرجال و جميلة و ثياب فخمة جداً قالت : و استسلمت للعمل و قبل استسلامي للعمل تجهزت تجهيزاً كاملاً و اشتريت كماً هائلاً من الملابس الفاخرة، يبدو أنها من أسرة غنية و ليست بحاجة إلى العمل لكن بحاجة إلى الظهور ، و هي صريحة مع نفسها ، و قد تستغربون لو قلت لكم : إنني سافرت لمدة أسبوع إلى الخارج لأشتري تلك الملابس كي تبدو في أجمل مظهر، و الله العظيم بعضاً من تلك الملابس لم ألبسها و لو مرة واحدة و قد تصدقت بها مؤخراً ، و لا تزال عليها أكياسها الحافظة و ذلك لتعرفوا أن الله عز وجل لم يكن راضياً عنها ، و قد أزيلت منها البركة و استلمت العمل الجديد و كنت بلا مبالغة محط أنظار الجميع ، المرأة حينما تنقطع عن الله تحب أن تكون محط أنظار الجميع ، و كنت سعيدة و أنا أرى هذا الاهتمام بي ، و لم يكن بي ندم أو خوف لنقض العهد ، و مرّ حوالي أربعة أشهر على توظيفي :
((أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ))[ سورة الزخرف : الآية 79]
اتخذت قراراً ألا تتحجب و نقضت عهدها مع الله و أرادت أن تكون في أبهى زينة أمام الأجانب لتلفت نظرهم و تستمتع باهتمامهم بها و إعجابهم لها وتسمع منهم كلمات معسولة دائماً، قال : في أحد الأيام أحسست بألم في وجهي و احمرار شديد فإذا بوجهي فيه بعض البثور بدأت تظهر فجأة فقمت بغسل وجهي ببعض الأدوية و المطهرات و كلي أمل أن هذه البثور سوف تزول بعد يوم أو يومين و لكنها بقيت بل زادت و أصبحت وسادتي و الله مليئة بالدم و القيح ، شيء غريب لم يحدث لي في كل حياتي ، فقد كانت في السابق تظهر لي حبة أو اثنتان ثم تزولان بعد فترة دون ترك أثر ، لكن ما حصل لي فجأة بين ليلة و ضحاها و دون سابق إنذار هي بثور مركبة الواحدة فوق الأخرى ، و قيح و دماء و صديد شوه وجهي و لم يسلم مكان في وجهي من تلك البثور ، أسرعت إلى الطبيب و كتب لي الدواء و غسولاً فلم ينفع الدواء ، رجعت له مرة أخرى فكتب لي حبوباً فلم تنفعني ، ذهبت إلى طبيب آخر فكتب لي أقصى دواء يمكن أن يكتب لعلاج حب الشباب و ذلك بعد أن عمل كل الفحوصات اللازمة و لم يجد أي سبب عضوي يؤدي إلى تلك الحالة البشعة التي شوهت وجهي و كتب لي دواء يعمل على تنشيف الدهن تماماً من الجسد و حتى أنه يمنع من استعماله من كانت حاملاً و يمنع من استعماله من كانت تلبس عدسات لاصقة لأنه كما ذكرت ينشف الجسم تماماً و مع ذلك لم تشفَ ، حكمة إلهية أي إذا الله عز وجل أراد أن يداوي إنساناً دواؤه فعال لا طبيب و لا دواء ولا حبوب و لا غسول بل إنني ذهبت إلى طبيب في الخارج في لندن ففحصني و بعد الفحص قال لي : سوف أكتب لك علاجاً لا أرى أقوى منه قادر على عمل شيء لحالتك فلما نظرت إلى ما كتب فإذا هو نفس الدواء الذي لم ينفع في السابق ، فلما أخبرته قال لي : أنا آسف إن هذا الدواء هو أقوى دواء يمكن أن يكتب لمريض و ما بعد ذلك فليس بيدي و لا أستطيع أن أعمل لك شيئاً .
كانت حالتي النفسية صعبة جداً ، محطمة تماماً ، و كنت أبكي في الليل وحدي ، و لم أكن أظهر لأحد ضيقي حتى لا يشفقوا عليّ و لكني كنت أرى نظرات الأسى في عين أمي و أبي وأخواتي و قد كرهت حتى أن أنظر إلى نفسي في المرآة و كان الجميع يتقدم بالنصح لي في طريقة العلاج ، و كان هذا سبباً في زيادة تعاستي و شقائي و كان ما بوجهي من دمامل وبثور يجعل بعض النساء ينفرن من تقبيلي عند السلام خوفاً على بشرتهن و كان ذلك بمثابة السكاكين في قلبي .
.
م.جمال زين الدين- Admin
- عدد المساهمات : 806
النقاط : 59873
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/07/2012
رد: قصة توبة فتاة لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
سبحان الله سبحان الله الله يعطيك الف عافية والله يزيدك كل اجر وكمان هاي القصة عجبتني كثير لانها غيرت طريقي بالحياة مشكور
اسلوبي ليس طبعي- عدد المساهمات : 8
النقاط : 54228
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 14/07/2012
العمر : 25
الموقع : الامارات
مواضيع مماثلة
» قصة سيدنا صالح مع قومه ( الشيخ راتب النابلسي)
» قصة سيدنا شعيب ( لفضيلة الدكتور النابلسي)
» من محاضرة الشيخ النابلسي في العدل
» البدوي الذي باع أرضه بثمن بخس دون أن يعلم ( من قصص النابلسي)
» فتاة تتحجب عن اخيها و السبب هو
» قصة سيدنا شعيب ( لفضيلة الدكتور النابلسي)
» من محاضرة الشيخ النابلسي في العدل
» البدوي الذي باع أرضه بثمن بخس دون أن يعلم ( من قصص النابلسي)
» فتاة تتحجب عن اخيها و السبب هو
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى